حول كتاب "صندوق الدنيا" لإبراهيم عبد القادر المازنى
من أذن من تحدثه عسى أن يسمع ويعى , كما أنك تضطر لتكرار ما تريد أن تقول مرات ومرات , ورغم كل هذه المعاناة التى يعانيها المرء فى محادثة الصم فإن محادثة النساء فى نظر المازنى أشق !! ياله من ظلم بين لنا كنساء .
يعقد المازنى مقارنة بين أبى الهول وتمثال مختار حيث يرى أن الأخير على براعته لا شئ إذا قيس بالأول , ودون الدخول فى تفاصيل تلك المقارنة أو عرض مآخذ المازنى على تمثال مختار فإن ما أعجبنى أن المازنى فكر ولم ينسق وراء الرأى السائد عن التمثال – منذ أن رأى النور - والقائم على الإشادة الدائمة به , بل قدم لنا نظرة مغايرة عن النظرة المعتادة ورأيا مختلفا عن الرأى السائد , وإذا كان المازنى ليس ناقدا فنيا – يقول عن نفسه أنه أجهل الناس بالفنون – إلا أن ذلك فى رأيى لايسلبه حقه فى أن يقول رأيه طالما التزم بالموضوعية وابتعد عن الأهواء والمصالح الشخصية ... ليتنا نفعل كما فعل المازنى فى هذا المقال ونفكر دوما فيما يطرح علينا من أفكار وآراء ولا نتقبلها على أنها حقائق لا تقبل المناقشة , فذاك أفضل من ثقافة القطيع التى نتبناها دوما .
عاطفة الأبوة
*ذكر المازنى أنه يسهل على الرجل أن يحول عاطفة الأبوة إلى مجرى آخر , فالذين يتبنون الآداب أو الفنون أو العلوم أو ما شاكل ذلك قد اعتاضوا من الأبناء هذا الذى شغفوا به , وأنا أختلف معه فى رأيه هذا لأنى أرى أن عاطفة الأبوة – مثلها مثل عاطفة الأمومة – لا يعوضها شعور آخر , والدليل على ذلك أننا كثيرا ما نجد رجالا حققوا نجاحا كبيرا فى حياتهم العملية ولكنهم يشعرون أن ثمة شيئا ما ينقصهم نتيجة غياب الأبناء , وإذا كان البعض يختار أن يضحى بالأبناء فى سبيل أشياء أخرى – وهؤلاء لا شك استثناء من القاعدة - فإن ذلك الاستثناء ليس قاصرا على الرجال بل يشمل الرجال والنساء .
*استشعرت من بعض العبارات التى قالها المازنى عن المرأة أنه لا يرى للمرأة وظيفة أخرى سوى أن تلد وترعى شئون أبنائها , ورغم عظم هذه الوظيفة التى لا يمكن لنا أن نزدريها أونقلل من شأنها إلا أن المرأة – إلى جانب ذلك – قادرة على القيام بمهام أخرى وتحقيق النجاح فيها مثلها مثل الرجل , ومن غير الإنصاف القول بأن المرأة إنما خلقت لتكون أداة للنسل ووسيلة لحفظ النوع .
صورة وصفية لصحفى
وهو من أكثر المقالات التى استمتعت بقراءتها فى الكتاب , وهو أول مقال قرأته حتى قبل أن أكمل المقدمة , ذلك لأننى أعمل فى مجال الصحافة ومن ثم شدنى هذا العنوان كما لم تشدنى العناوين الأخرى , وقرأته بشغف , وقد أعجبنى جدا , وظنى أن المازنى بالصورة التى رسمها لذلك الصحفى البائس الذى يستحق الشفقة يود أن يقول لكل صحفى مبتدئ حباه الله جمال الأسلوب ولكنه يفتقد الثقة بالنفس ويهاب مواجهة الناس أن موهبته فى الكتابة لا تضمن وحدها نجاحه فى مهنة الصحافة , فالقدرة على التعامل مع نوعيات ومستويات مختلفة من البشر تعد شرطا أساسيا للنجاح في هذه المهنة , وهى نصيحة هامة لأولئك الموهوبين الذين يعتقدون أن موهبتهم فى الكتابة كافية وحدها لنجاحهم فى مهنة الصحافة , وهو اعتقاد غير صحيح .
المقال فاز بجائزة جريدة المصرى اليوم فى مسابقة برنامج عصير الكتب لكتابة مقال حول الكتاب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق