الاثنين، 25 أغسطس 2014

أهم وظائف يدي

استيقظتْ ذات صباح يشغلها سؤال : ماذا لو فقدتُ يدي ؟
لم يكن هناك سبب يفسر لها ورود السؤال وإلحاحه ، فهي مثلا لم تر حُلما ذا علاقة ، ولا رأت في اليوم السابق شخصا مقطوع اليد ، ولا سمعت بتعرض أحدهم لحادث أفقده يده .
لم يشغلها التفكير في سبب السؤال ، بل شغلها السؤال نفسه ، وظلت تفكر في حالها عندئذ : كيف يكون ؟
يفيدنا معجم اللغة العربية بأن اليد "من أعضاء الجسد ، وهي من المنكب إلى أطراف الأصابع" .
في مخيلتها كان المقصود باليد الكف على وجه التحديد ، والكف – كما يفيدنا المعجم أيضا – "الراحة مع الأصابع" .
 أخذت تتخيل نفسها في الوضع الجديد :
حتما سأعاني كثيرا كأي إنسان في وضع مماثل ، خاصة أنني لا أجيد استخدام اليد اليسرى . سأجد صعوبة كبيرة في تناول الطعام والشراب ، في تمشيط شعري ، في ارتداء ملابسي . سأشعر بقصور عند استخدام الإنترنت ، وهاتفي المحمول ، وعند السلام على الآخرين .
تبدو صور معاناتي في الوضع الجديد لا نهاية لها .
ولكنّ الأمر الذي سيمثل أشد صور المعاناة وأقساها علي نفسي فقداني القدرة على الكتابة . لن يعود باستطاعتي الإمساك بقلمي للتعبير عما أفكر أوأشعر به ، كما كنت أفعل من قبل .
الأمور الأخرى التي ذكرتُ أمثلة لها سوف يمكنني التعامل معها بمساعدة آخرين ، أمي أو شقيقتي الكبرى مثلا .
ولكن كيف سأتصرف مع هذا الأمر تحديدا ؟ أمر الكتابة ؟
أُمْلِي على شخص آخر ليكتب ؟ لا ليس حلا . لا أحب أن يطّلع أحد على نصوصي وهي في طور التكوين ، وليس كل ما أكتبه يكون للنشر . ماذا عن مذكراتي اليومية ؟ لا ، مستحيل أن أطلع أحدا على هذه الأسرار ولو كان أقرب المقربين .
وحتى لو وجدتُ من أثق فيه ولا أخجل من إطلاعه على كل ، أو جل ، ما بداخلي من أفكار ومشاعر فلن يكون ذلك مجديا ، لن يعوضني عن متعتي الكبرى التي أجدها في الكتابة، رغم كونها مهمة شاقة. 
لقد اعتدت أن أكتب وأمحو ، أعيد الكتابة وأعيد المحو ، أعدل ما كتبته مرة بعد أخرى ، أستخدم الأسهم لإعادة ترتيب الفقرات والجمل ، أغير في المفردات . كيف يمكن لشخص أن يقوم مقامي بهذه المهمة ؟ مهما جاهد وجاهدتُ لن أصل إلى النتيجة المرضية بالنسبة لي .
لا يستطيع التعبير عني سوى قلمي ، الذي أمسك به .
إن هذا هو الشيء الذي لا يُحتمل ! فالكتابة شيء أساسي في حياتي ، بل هي الشيء الأساسي ، بل هي حياتي كلها ، بدونها لا حياة ، ولا بقاء بعد الموت .


كتبت في 10 مايو 2014