استيقظتْ ذات صباح
يشغلها سؤال : ماذا لو فقدتُ يدي ؟
لم يكن هناك سبب
يفسر لها ورود السؤال وإلحاحه ، فهي مثلا لم تر حُلما ذا علاقة ، ولا رأت في اليوم
السابق شخصا مقطوع اليد ، ولا سمعت بتعرض أحدهم لحادث أفقده يده .
لم يشغلها التفكير
في سبب السؤال ، بل شغلها السؤال نفسه ، وظلت تفكر في حالها عندئذ : كيف يكون ؟
يفيدنا معجم اللغة
العربية بأن اليد "من أعضاء الجسد ، وهي من المنكب إلى أطراف الأصابع" .
في مخيلتها كان
المقصود باليد الكف على وجه التحديد ، والكف – كما يفيدنا المعجم أيضا –
"الراحة مع الأصابع" .
أخذت تتخيل نفسها في الوضع الجديد :
حتما سأعاني كثيرا
كأي إنسان في وضع مماثل ، خاصة أنني لا أجيد استخدام اليد اليسرى . سأجد صعوبة
كبيرة في تناول الطعام والشراب ، في تمشيط شعري ، في ارتداء ملابسي . سأشعر بقصور
عند استخدام الإنترنت ، وهاتفي المحمول ، وعند السلام على الآخرين .
تبدو صور معاناتي
في الوضع الجديد لا نهاية لها .
ولكنّ الأمر الذي سيمثل
أشد صور المعاناة وأقساها علي نفسي فقداني القدرة على الكتابة . لن يعود باستطاعتي
الإمساك بقلمي للتعبير عما أفكر أوأشعر به ، كما كنت أفعل من قبل .
الأمور الأخرى
التي ذكرتُ أمثلة لها سوف يمكنني التعامل معها بمساعدة آخرين ، أمي أو شقيقتي
الكبرى مثلا .
ولكن كيف سأتصرف
مع هذا الأمر تحديدا ؟ أمر الكتابة ؟
أُمْلِي على شخص
آخر ليكتب ؟ لا ليس حلا . لا أحب أن يطّلع أحد على نصوصي وهي في طور التكوين ، وليس
كل ما أكتبه يكون للنشر . ماذا عن مذكراتي اليومية ؟ لا ، مستحيل أن أطلع أحدا على
هذه الأسرار ولو كان أقرب المقربين .
وحتى لو وجدتُ من
أثق فيه ولا أخجل من إطلاعه على كل ، أو جل ، ما بداخلي من أفكار ومشاعر فلن يكون
ذلك مجديا ، لن يعوضني عن متعتي الكبرى التي أجدها في الكتابة، رغم كونها مهمة شاقة.
لقد اعتدت أن أكتب
وأمحو ، أعيد الكتابة وأعيد المحو ، أعدل ما كتبته مرة بعد أخرى ، أستخدم الأسهم
لإعادة ترتيب الفقرات والجمل ، أغير في المفردات . كيف يمكن لشخص أن يقوم مقامي
بهذه المهمة ؟ مهما جاهد وجاهدتُ لن أصل إلى النتيجة المرضية بالنسبة لي .
لا يستطيع التعبير
عني سوى قلمي ، الذي أمسك به .
إن هذا هو الشيء
الذي لا يُحتمل ! فالكتابة شيء أساسي في حياتي ، بل هي الشيء الأساسي ، بل هي حياتي
كلها ، بدونها لا حياة ، ولا بقاء بعد الموت .
كتبت في 10 مايو 2014