الاثنين، 28 أبريل 2014

بيت الدمية - هنرك إبسن


                   
مسرحية اجتماعية من 3 فصول ، تأليف هنرك إبسن (1848-1906) . بطلتها امرأة شابة (نورا) حياتها كلها لزوجها وأطفالها وبيتها ، حدث في السنوات الأولى من زواجها أن أصيب زوجها (تورفالد هيلمر)بمرض كاد يودي بحياته وقال الأطباء إن الأمل الوحيد في نجاته سفره وإقامته في الجنوب ، في إيطاليا . ولم يكن لديهم المال اللازم لهذه الرحلة فاضطرت الزوجة من أجل إنقاذ زوجها إلى الاقتراض من أحد الأشخاص (يدعى كروجشتاد) وذلك دون أن يعلم أحد  ، وظن الجميع أن والدها هو الذي تطوع بالمال .

نجحت الزوجة إذن في تدبير المال اللازم للرحلة التي كانت ضرورية لشفاء زوجها من مرضه ، ولم يكن زوجها يعلم شيئا عن خطورة حالته ولا عن ضرورة سفره للعلاج بل اقترحت عليه الزوجة الأمر كأنه رغبة شخصية لها للسفر والسياحة .

ولكي تفي بتعهداتها للدائن في مواعيدها كانت توفر القرش على القرش من مصروفها الخاص ، كانت حريصة على ألا تأخذ شيئا من مصروف البيت كي لا تقصر في حق زوجها وأطفالها أو تحرمهم من شيء فكانت تحرم نفسها بشراء أبسط أنواع الثياب وأرخصها . وكانت تضطر في بعض الأحيان إلى طرق أخرى لكسب المال مثل نسخ مجموعة من الأوراق التي كانت تعكف على كتابتها حتى ساعة متأخرة من الليل .

مرت السنوات وهي حريصة على تسديد أقساط الدين دون أن يعلم زوجها أو أي أحد . ولكن حدث أن اختير زوجها ليتولى منصب مدير البنك . جاءها الشخص الذي كانت قد اقترضت منه المبلغ وكان موظفا بنفس البنك ، وهددها بفضح الأمر لزوجها إن لم تقنعه بأن يبقيه في وظيفته بالبنك ولا يتخذ قرارا بفصله .

تبذل نورا جهدا كبيرا لإقناع زوجها بالإبقاء على هذا الموظف خشية افتضاح أمرها ولكن الزوج يرفض ويصر على فصله .

ينفذ كروجشتاد تهديده ويرسل خطابا لزوجها يخبره فيه بحقيقة الأمر .

كانت نورة تتوقع من زوجها أن يقدر ما فعلته لأجله ولأنها "أحبته أكثر من أي شيء آخر في الوجود"  وأن يبادر بتحمل التبعة بدلا منها ، ولكنها فوجئت برد فعل لم تتوقعه ، قال لها كلاما جارحا عن خسة أبيها وطباعه المتدهورة التي انتقلت إليها فلا دين ولا أخلاق ولا إحساس بالواجب . لم يفكر إلا في نفسه ، قال لها : "لقد حطمتِ سعادتي ودمرتِ مستقبلي " وصفها بأنها امرأة طائشة لا تقدر المسؤولية جعلته في قبضة أفاق محتال قادر على أن يفعل به ما يشاء وأن يطالبه بما يشاء وأن يملي عليه إرادته دون أن يملك هو له رفضا . قالت له : ستعود إليك حريتك عندما أنزاح من الطريق ، فيرد : وماذا يفيدني أن تنزاحي من الطريق ؟ أليس قادرا على نشر الفضيحة على الملأ ؟ لم يشغله سوى الفضيحة والخوف من أن يكون موضع اتهام بأنه كان شريكا لها في الجريمة أو أنه الفاعل الحقيقي من وراء ستار . يقرر أن يحاول ترضية هذا الموظف بطريقة ما حتى تبقى المسألة طي الكتمان مهما يكن الثمن "أما نحن فيجب أن نحافظ على المظهر أمام الناس كأن شيئا لم يحدث . ستبقين هنا بالطبع ولكنني لن أسمح لكِ بتربية الأطفال إذ لا تطاوعني نفسي على أن أتركهم في رعايتك" وأثناء حديثه الجاف إليها والذي كان صادما لها يدق جرس الباب ويصلهم خطاب باسمها يصر زوجها على أن يقرأه بنفسه  . كان الخطاب من كروجشتاد يعيد فيه الكمبيالة ويعتذر عما بدر منه . يطلق الزوج صيحة فرح : لقد نجوت ! – وأنا ؟ - وأنتِ أيضا  بالطبع . يتغير موقفه منها تماما بعد أن "زال الخطر" يقول لها : لقد غفرت لكِ كل شيء . إنني أدرك أن الدافع لك على ما فعلت كان حبا لي . أحببتني حب الزوجة لزوجها وإن أخطأكِ التوفيق في اختيار الوسائل . ولكن هل تحسبين أن حبي لكِ يقلل من شأنه ما تبدينه من عجز ؟ لا لا . كل ما عليك هو أن تعتمدي عليَ ، وأنا كفيل بالنصح والإرشاد . ما كنت لأعدّ من بني جنسي إن لم تزدني أنوثتك الضعيفة إقبالا عليك . طلب منها ألا تفكر في ما قاله لها لحظة الانفعال . يعود ليناديها كما كان يفعل دائما بـ"بلبلتي الصغيرة" و"أرنبتي الصغيرة" ويحاول استرضاءها بالكلام وطمأنتها يقول لها : اطمئني يا بلبلتي الصغيرة فإن لي أجنحة عريضة تأمنين في ظلها .. سأسهر عليكِ وأحميكِ  .... لتطمئن نفسك يا نورا ، وما عليكِ إلا أن تصارحيني القول دائما ، وسأكون لكِ بمثابة الإرادة المنفذة والضمير المرشد معا . ولكن كل كلامه هذا الذي حاول استرضاءها به كان دون جدوى ، لقد صارت تنظر إليه بـ"وجه جامد القسمات" ، وطلبت منه أن يجلسا للمناقشة فهناك كلام كثير تريد أن تقوله له .  
لقد أذنبتما في حقي .. أبي أولا ثم أنت من بعده . كان أبي في ما مضى يسر إلي برأيه في كل كبيرة وصغيرة فنشأت أعتنق نفس آرائه ، وإذا حدث أن كونت لنفسي رأيا مخالفا كنت أكتمه عنه خشية أن أضايقه . كنت في نظره عروسا من الحلوى ، يدللني كما كنت أدلل عرائسي ولعبي . وعندما انتقلت لأعيش معك انتقلت من يد أبي إلى يدك ووجدتك تنظم الكون من زاويتك الخاصة فتبعتك في الطريق المرسوم أو تظاهرت بأنني أتبعك لست أدري أيهما . والآن عندما أعود بذهني إلى الوراء يخيل إليّ أنني لم أكن أزيد من عابرة سبيل كل همها أن تسد مطالب يومها . كانت وظيفتي ، كما أردتها لي ، أن أسليك . أنت وأبي جنيتما عليّ . والذنب ذنبكما إذا لم أصنع من حياتي شيئا ذا قيمة .

(....) مع اعترافي بحسن معاملتك لي دائما (....) ولم تختلف نظرتك إليّ عن نظرة أبي . كلاكما اعتبرني لعبة أو عروسا من الحلوى . وانتقلت العدوى إليّ فعاملت أطفالي بنفس المنطق . ولم يكن سروري عندما تداعبني بأقل من سرورهم عندما أداعبهم . هذه خلاصة حياتنا الزوجية يا تورفالد .

(عندما قلت إنني لا أصلح لتربية الأطفال) لم تقل إلا الصدق . إنني لا أصلح لهم . وعليّ أولا أن أقوم بتربية نفسي وأتعلم الحياة . وهذه ليست مهمتك بل مهمتي أنا . ولهذا قررت أن أتركك الآن .

 يجب ألا أعتمد إلا على نفسي إذا أردت أن أتفهم سريرة نفسي ، وألم بالعالم المحيط بي  . وهذا ما يدفعني إلى الانفصال عنك .

وغدا أقصد بيت أبي حيث نشأت (....) يجب أن أتزود بما ينقصني من دراية يا تورفالد (....) لست أبالي بما يقوله الناس . (تقول إن أقدس واجباتي هي واجباتي نحو زوجي وأولادي) ولكن لديّ واجبات أخرى لا تقل عنها قداسة هي واجباتي نحو نفسي (....) إنني مخلوق آدمي عاقل .. مثلك تماما . أو على الأقل هذا ما يجب ان أسعى إليه . صحيح يا تورفالد أن معظم الناس قد يتفقون معك ، فهذه الآراء تحتشد بها صفحات الكتب ، ولكنني ما عدت أقنع بما يراه الناس ولا بما يرد في الكتب . أريد أن أزن الأشياء بوحي من فكري أنا لا من فكر الغير وأن أرقى بنفسي إلى مرتبة الفهم والإدراك . (وماذا عن تعاليم الدين؟ يسألها تورفالد) ترد : لا يسع علمي أكثر من القشور  التي تلقفتها من فم الكاهن يوم الاعتراف إذ أوصانا بما تنص عليه تعاليم الدين دون أن نفقه بالضبط ما يرمي إليه . على أية حال ، عندما أختلي بنفسي سأقلب الأمر من كافة وجوهه لأصل إلى جوهر الموضوع .

لم أعد أحبك ، رغم أنك كنت لطيفا دائما معي ولكني أدركت الليلة أنك على خلاف ما كنت أظن . لم يخطر لي ببال عندما وصل خطاب كروجشتاد أنك سترضخ لشروطه بل كنت متأكدة انك ستقول له "أذع القصة على الملأ" ثم .. ثم تتقدم لتتحمل عني وزر المسؤولية قائلا "أنا المذنب" ... يقول لها : إنك تفكرين وتتكلمين كطفلة لم يكتمل نموها ، ترد : ربما . أما انت فلا تفكيرك ولا كلامك يتفقان مع ما يجب أن يتوافر في الرجل الذ أشاطره حياتي . فعندما زالت مخاوفك – في ما يخصك أنت لا في ما يخصني أنا – وعندما تبدد الخطر بالنسبة لك  عادت الأمور إلى نصابها وكأن شيئا لم يحدث ، وأصبحت من جديد بلبلتك الصغيرة ودميتك المسلية التي يجب أن تزيد في حرصك عليها وعنايتك بها في المستقبل بسبب ضعفها وسرعة تعرضها للكسر .

هذا باختصار أهم ما قالته نورا لتورفالد خلال مناقشتهما ، والتي غادرت منزل الزوجية بعدها مباشرة ، ولم تفلح توسلات تورفالد ومحاولاته ثنيها عن ذلك ، وذلك "بعد أن أيقنت أنه لم يكن سوى بيت الدمية وأنها لم تكن فيه سوى دمية يقتنيها ويملكها زوجها ."

قرأت طبعة دار المدى للثقافة والنشر 2004 ، طبعة خاصة توزع مجانا مع جريدة القاهرة . اشتريتها من شارع النبي دانيال ، بجنيه واحد على ما أذكر .

نبذة عن المؤلف (كما هو مكتوب على غلاف الكتاب)

يعد الكاتب المسرحي هنرك إبسن (1848 – 1906) واحدا من أعظم كتاب المسرح بعد شكسبير ، فهو صاحب النقلة الكبرى في المسرح الأوروبي التي استند إليها كل من جاء بعده من المسرحيين .

ولد في النرويج ، ومرت حياته بمنعطفات حادة بعد وفاة أبيه وهو في الخامسة عشرة من عمره إلا أنه تجاوزها بإرادته القوية واستطاع الجمع بين الدراسة والعمل ، ثم تنقل بين إيطاليا وألمانيا حيث كتب أهم أعماله : البطة البرية ، الأشباح ، بيت الدمية ، وهي الأعمال التي جعلته وريثا للمسرح الإغريقي القديم وأبا للمسرح المعاصر .

امتازت أعماله المسرحية بالواقعية التعبيرية والعمق الإنساني وجرأتها في طرح الموضوعات ذات الحساسية الاجتماعية مثل الكذب والنفاق والمظاهر الخادعة .

 من مقدمة عبد الحكيم البشلاوي :

لم تكن "بيت الدمية" أولى مسرحيات إبسن ، ولكنها كانت المسرحية التي جلبت له الشهرة والصيت البعيد والتي جعلت منه كاتبا مسرحيا عالميا . فقد اشتد حولها الجدل وتهافتت الفرق التمثيلية على أدائها . وكان معظم الجدل الذي ثار حولها منطويا على هجوم على إبسن . لقد ثار النقاد على ذلك الكاتب المسرحي الذي قدم لهم في شخص نورا زوجة تكافح في سبيل استقلالها وحريتها ومساواتها بالرجل . وقد يبدو ذلك لنا اليوم غريبا ، ولكن ، لكي ندرك مدى ما كان في شخصية نورا من تمرد على التقاليد وخروج على سيطرة الزوج ينبغي أن نفكر بعقلية 1879 .

ثار النقاد على إبسن : كيف يقدم لهم شخصية كهذه الزوجة ؟ وكيف يجرؤ على أن يجعلها تبيح لنفسها حق المشاركة في تحمل عبء المتاعب المالية للحياة الزوجية فتستدين وتتورط في الدين وتزور إمضاء أبيها ؟ وكيف ، وهو الأدهى والأمر في نظرهم ، تغادر  بيت الزوجية في نهاية الأمر غاضبة ثائرة وتصفق خلفها الباب؟

لم تعجبهم المسرحية إذن فراح كل واحد يتناولها بالمسخ والتعديل ، كل حسب مزاجه في مختلف بلاد أوروبا . ومن هنا تراءى لإبسن أن يحاول إرضاء الثائرين ، فعدل خاتمة المسرحية وجعل نورا بعد أن صفقت خلفها الباب تعود إلى البيت لترعى أولادها . وكان هدف إبسن من ذلك أن يقنع النقاد والخرجون بهذا التعديل ويكتفوا به ، فيخرجوا مسرحيته كما هي بدون مزيد من التعديل .

والنص الذي نقدمه للقاريء الآن (يقصد هذه الطبعة) هو النص الأصلي للمسرحية قبل التعديل ، وهو النص الذي اتفق النقاد اليوم على أنه هو الأفضل ، بل هو الذي فضله إبسن نفسه .

إن مسرحية إبسن هذه هي عمل فني أصيل ونقطة تحول خطيرة في كتابة المسرحية الحديثة لسببين :

السبب الأول : إن إبسن خرج بها على القاعدة المأثورة في بناء "المسرحية المحكمة" ، وهي المسرحية التي تبدأ من البداية وتنتهي عند النهاية . فهو هنا يبني وينشيء ذلك النوع من المسرحية الذي يعرف الآن بـ"المسرحية ذات التحليل الرجعي" بمعنى أن المسرحية تتعرض لتحليل حادث معين تم حدوثه بالفعل قبل أن يبدأ تسلسل الأحداث على خشبة المسرح . ومن سياق المسرحية واطراد أحداثها يأخذ ذلك الحادث السابق في الظهور شيئا فشيئا ويتكشف للمشاهد بالتدريج ، الأمر الذي يضاعف قوة المسرحية ويزيد تأثيرها في نفوس الجمهور . وقد اطرد استخدام هذا الأسلوب في البناء الدرامي بعد إبسن .

السبب الثاني : إن إبسن خرج كذلك على قاعدة أخرى مأثورة في كتابة المسرحية . وهنا ندع الكاتب العبقري جورج برنارد شو يتكلم فيقول : "من قبل كانت المسرحية المحكمة تتكون من العرض في الفصل الأول والعقدة في الفصل الثاني والحل في الفصل الثالث . أما الآن – أي بعد إبسن – فإن المسرحية تتكون من تاعرض والعقدة والمناقشة . والمناقشة هي محك الكاتب المسرحي" .

هذه هي الوثبة التي وثبها إبسن بالمسرحية ، وهذا هو وجه الخلاف الحقيقي بينه وبين شكسبير . هذا هو الأساس الذي وضعه إبسن ليبني فوقه من جاء بعده من عباقرة الدراما ، وعلى رأسهم جورج برنارد شو نفسه .

وإذا كان برنارد شو يأخذ على هذه المسرحية أن المناقشة فيها لم تبدأ إلا متأخرة في الفصل الثالث ، إلا أنه مع ذلك يقول إن هذه المناقشة غزت أوروبا وأصبح الكاتب المسرحي الجاد يقر بأن المناقشة ليست المحك الرئيسي لموهبته وقوته فحسب ، بل هي كذلك المحور الحقيقي الذي تدور حوله المسرحية .

في الفصل الثالث من مسرحية "بيت الدمية" تقول نورا لزوجها : اجلس هنا يا تورفالد لا بد لنا من حديث طويل ... إن هذا أمر يستغرق بعض الوقت . لدي كلام كثير أريد أن أفضي به إليك .

وهكذا تمضي نورا تناقش زوجها في المشكلة التي جسمت الخلاف بينهما . وبهذه المناقشة تنتهي المسرحية . ومن هذا نرى أن "المناقشة"  عند إبسن أخذت مكان "الحل" عند من سبقوه من كتاب المسرح . ثم جاء من بعد إبسن كتاب جعلوا المناقشة تستغرق المسرحية بأكملها ، كما فعل برنارد شو في مسرحيتي "الزواج" و"ورطة الطبيب" وغيرهما .

حول مسرح إبسن – بقلم كامل يوسف

كتابات إبسن تكاد تكون في مجموعها قصيدة مطولة في امتداح الإرادة الإنسانية . وهو عندما يدعونا إلى القوة والمثابرة ، لا يريد منا أن نتشبه بالنموذج الوحشي الفظ الذي يريده نيتشه ، وإنما يطالبنا بالتمسك بحقوقنا والدفاع عنها حتى الممات .

وهو يمجد الإرادة التي تسلك طريق التجارب المحفوف بالمخاطر والمصاعب لكي تجد نفسها وتعرف كينونتها .

وقد يكون إبسن مرشدا أخلاقيا ، إلا أنه أولا وقبل كل شيء فنان أصيل . وكل ما في الأمر أن الفنان فيه يمتزج بالنزعة الأخلاقية ، وتلك النزعة الأخلاقية تتشرب باتجاه فلسفي . وكل هذا المزيج ينصهر في قلمه ككاتب مسرحي . فالمسرح هو المنبر الذي يرسل منه أفكاره . وهو كفنان لا يجعل المواعظ هدفه الرئيسي ، وإنما يضمنها إنتاجه لكي يستنبطها المتفرج من ثنايا العرض .

وتستطيع ، مع شيء من التجاوز ، أن نقسم مسرحياته إلى 3 مراحل : أولاها المرحلة التاريخية ، وثانيتها المرحلة الرومانسية الشعرية ، وثالثتهما المرحلة الاجتماعية .

وعلى الرغم مما تحويه بعض مسرحياته التاريخية والشعرية من لمحات فذة ، إلا أن شهرته الفعلية تستمد جذوتها من الفترة الأخيرة . فلقد وضعها في سن النضوج بعد أن تمرست يده على الكتابة ، ووضحت في ذهنه الأفكار ، ونمت لديه حاسة النقد ، وبرزت واقعية مذهبه .

وتحتوي مسرحية (بيت الدمية) على أروع تصوير للمرأة في كل كتابات إبسن ، ويذهب البعض إلى الاعتقاد بأنها تعبير صريح عن رأيه في وظيفة المرأة من الوجهة الاجتماعية ، وعن مكانها في الحياة .

والمسرحية ، من الناحية الفنية ، تتفوق على معظم مسرحياته الاجتماعية الأخرى ، إذ بلغ فيها أسلوبه الخاص قمة النضوج . فهي تمثل وحدة عضوية متكاملة ، تتشابك فيها الأجزاء تشابكا وثيقا ، وتقودنا فيها كل مرحلة إلى التي تليها في يسر منطقي .

 

 

                                   

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق